مع كل شهر رمضان من كل عام، تصلنا رسائل مشابهة حول حالات عنف مريعة تحصل، أغلبها لا يصل إلى الإعلام حتى، فيما تلك التي يتم توثيقها بالصوت والصورة تنجح باكتساب ضجة لدى الرأي العام، ليس آخرها ما حصل ل #اسراء_ابوزيد
فقد أصبح من المعروف لدى الجميع وبلا أدنى شك، أن معدلات العنف والجريمة ترتفع خلال شهر رمضان
وبدل أن يكون الصيام فرصة لتهذيب النفس وتعويدها على السكينة والهدوء، يصبح أحد أسباب ارتكاب الموبقات التي لا تغتفر كالقتل والظلم
تكشف الإحصائيات أن معظم جرائم العنف في رمضان هي أسرية داخل نطاق العائلة الواحدة، كذلك يشهد شهر رمضان ارتفاعا في معدل جرائم الشوارع خصوصاً بين السائقين وجرائم الغش التجاري نظرا للإقبال الكبير من المواطنين على شراء السلع الغذائية.
وخلصت معظم الدراسات عن العنف في شهر رمضان، إلى أن المدخنين هم أكثر الناس عصبية خلال الصيام، وذلك لأن الانقطاع المفاجئ عن التدخين يؤدي إلى أعراض تسمى أعراض الانسحاب، والتي تزيد من التوتر والانفعال.
يذكر أن الأردن من أعلى نسب المدخنين حول العالم !
فيما كشفت بعض الدراسات عن أسباب أخرى للعصبية في رمضان هي: نقص الماء ونقص الجلوكوز واضطراب عادات النوم.
تزيد هذه الأعراض عندما تتزامن مع مسببات وضغوطات أخرى مثل انعدام الرقابة وتطبيع العنف، والفقر والبطالة، وانخفاض مستوى المعيشة وغلاء الأسعار وصعوبة المواصلات وانخفاض مستوى الدخل بصفة عامة، وعدم التربية الصحيحة وتعاطي المخدرات، وانتشار الانترنت والفضائيات، وكثرة المسلسلات التي تحض على المشاجرات والعنف ونشر اللاأخلاقيات والمخدرات.
🔴 نصائح وحلول:
يقدم الأطباء والمتخصصون عشر نصائح للحد من التوتر والعصبية التي قد تؤدي إلى المشاجرات والعنف في شهر رمضان، وهي:
💥اشرب ما لا يقل عن ثمانية إلى عشرة أكواب من الماء يوميا لتجنب التأثيرات العصبية السيئة للجفاف.
💥فكّر في جوهر الصوم والغاية منه، وركز على استغلال شهر رمضان في الخير والطاعة.
💥نم مدة كافية، وتجنب السهر على البرامج التلفزيونية التي تستهلك الطاقة وتؤثر سلبا على الحالة النفسية.
💥اتبع نظاما غذائيا صحيا ومتوازنا، وأكثر من تناول الخضراوات والفواكه الطازجة.
💥تناول الأغذية ذات المؤشر السكري المنخفض، لتجنب انخفاض السكر أثناء الصيام، وما يسببه من توتر وعصبية.
💥حاول الاستفادة من الصيام في الإقلاع التدريجي عن التدخين.
💥قلل من شرب المنبهات عموما، وإذا كنت معتادا على شرب القهوة، يمكنك تناول فنجان مركز منها قبل الإمساك لتجنب صداع اليوم التالي.
💥مارس بعض الهوايات.
💥مارس التمارين الرياضية وتمارين اليوجا والتنفس بعمق.
المرأة والدين
يقول د. #طارق_سويدان: “وخلط البعض بين القوامة والتبعية، كما خلط البعض بين التعاون الواجب على الرجل والمرأة، فالمرأة إن كانت متفرغة لعمل لبيتها بالتأكيد ستساهم في أعمال المنزل (ولا يجب شرعاً عليها ذلك كما نص العلماء ومنهم الإمام أحمد بن حنبل) والرجل عليه أن يساهم كذلك في أعمال المنزل، فهي زوجة لا خادمة، وكان النبي بكل مشاغله يساهم في احتياجات بيته
والرجل في الغالب هو الذي يوفر المال للأسرة، لكن المرأة أيضاً تساهم في توفير المال وخاصة في هذا الزمان، إذا هي شراكة فيها تكامل وليست صراعاً على منصب القوامة”
وجاء في التفسير الإسلامي لمعنى القوامة في مذهبي أهل السنة، الشافعي والمالكي، ما يلي:
“جعل الله القوامة للرجل على المرأة هو: ما أنفقه عليها، وما دفعه إليها من مهر، وما يتكلفه من نفقة في الجهاد، وغير ذلك مما لم تكن المرأة ملزمة به، وقد أشار إليه في الآية بقوله (وبما أنفقوا من أموالهم)
وإذا تخلى الرجل عن ميزته التي ميزه الله بها فلم ينفق على امرأته ولم يكسها، فإن ذلك يسلبه حق القوامة عليها، ويعطيها هي الحق في القيام بفسخ النكاح بالوسائل المشروعة
ومما يجب التنبه له أن تفضيل الرجال على النساء المذكور في الآية ليس المراد منه تفضيل الرجال على النساء، وإلا فكم من امرأة تفضلت عن زوجها في العلم والدين والعمل والرأي وغير ذلك
وذكر علماء البلاغة أن الإشارة إليها هي السر في عدول النظم القرآني إلى التعبير بقوله: (بعضهم على بعض) ولم يقل: بتفضيلهم عليهن، أو بتفضيله إياهم عليهن، مع أن ما عدل عنه أخصر وأوجز، ولكن عدل عنه لحكم جليلة، ونكت بلاغية يرى المطلعون عليها أن الآية في نهاية الإيجاز”
واليوم ما حاجة المرأة اليوم لقوامة الرجل حيث تغيرت التركيبة المجتمعية وأصبحت المرأة معيلة لنفسها وأطفالها ووضع دستور ينظم العلاقات الإجتماعية ويؤسس لحقوق المواطنة وواجباتها؟!
القوامة ليست فرض ولا يترتب عليها عقوبة دنيوية أو آخروية، ف علام التنطع فيها؟
هي مجرد نظام اجتماعي تغير بعد آلاف السنين مثل أي نظام اجتماعي آخر، لكن تمسك الرجل العربي بها ليس إلا لكونها تمنحه امتيازات
إنما نحن كنسويات نستغني عنها لأننا نفضل أن نكون مواطنات تحت قوانين الدولة على أن نكون تحت قوامة الرجال، خصوصاً عندما نفوقهم عقلاً ومالاً وحسناً للمعشر وغيره من أركان القوامة أو عندما يكون رجلاً سليطاً يحد من حقوق نساء بيته ورغباتهن
وعلى الجانب الآخر، للمرأة الراغبة بأن تكون تحت قوامة الرجل الحرية الكاملة، فالنسوية لا تحصر النساء في خيار واحد لأن ما يميزها أنها تترك لكل امرأة حرية الإختيار
كتابة: @emy_dawud
كثيراً ما نسمع البعض يرددون ويوصمون النساء بأن كيدهن أقوى وأغلب من كيد الشيطان وتدابيرهن سيئة لتوقع الرجل في الخطأ أو تحقق غايتها المرجوة
هذه الفكرة التي وجدنا عليها مجتمعاتنا، فما إن حققت المرأة ما هو إيجابي أَو سلبي وضعوا تفسيراً للذكاء والدهاء التي تمتلكه أو ربما قوة الملاحظة، بأن كيدها عظيم وقادرة على فعل الكثير
وأغلب من يرددون ذلك يستدلون بالآية: “ِإنْ كَيْدُكُنَّ عَظِيم” (سورة يوسف آية 28) في مقابل الآية: “إِنْ كِيدَ الشَّيْطَانُ كَانَ ضَعِيفَا” (سُورَة النِّسَاءِ آيَةَ 76)
والحقيقة أن هذه الجملة (ككل أمور النساء الدينية) أجتزئت من سياقها تدليساً، فهي ليست كلاماً ربانياً بل إنها حكيت على لسان العزيز “عزيز مصر” حينما راودت امرأته يوسف، فجاء في الآية: “فَلَمَّا رَأَى قَمِيصُهُ قُدّ مَنْ دبرٍ قَالٌ إِنّهُ مَنْ كَيْدَكُنَّ إِنْ كَيْدُكُنَّ عَظِيم”
المثير للسخرية أن سورة يوسف احتوت كيداً أعظم من كيد النساء، بل وكان أشد وطأة على يوسف ، فقد ألقت النسوة يوسف في السجن من فرط الحب بينما ألقـاه أخوته الرجال في الجب من فرط الحقد، فجاء في الآية: (ولا تقصص رؤياك على إخـوتـك فـيـكـيـدوا لك كيدا) ومع ذلك لا أحد يتحدث عن كيد الرجال !!
إذا الكيد ليس حرفة نسائية كما يروج له هؤلاء
كثيراً ما تستخدم هذه الآية في وجه المطالبات/ين بالمساواة ذوي الخلفية الإسلامية للاستدلال بها على أن المساواة بين الجنسين مخالفة للقرآن
والحقيقة أن هذه الآية جاءت في سياق قصة امرأة عمران، وهي والدة مريم، حيث جاء في سورة [آل عمران: 35، 36]: {إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محرراً فتقبل مني إنك أنت السميع العليم (35) فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله اعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}
وبحسب المفسرين فهناك وجهان للتفسير:
🔺️أرجحهما:
أن مريم قالت على وجه التحسر والإعتذار {رب إني وضعتها أنثى} وقالت هذا حيث لم يكن يقبل في النذر إلا الذكور، فقبل الله مريم وقال لها: {وليس الذكر كالأنثى}، أي ليس الذكر الذي طلبته كالأنثى التي وهبتها بل هي أفضل منه
وبحسب قواعد اللغة العربية، فإن الجملتان: {والله أعلم بما وضعت} + {وليس الذكر كالأنثى} معترضتان من كلامه تعالى تعظيما لشأن هذه المولودة، وما علق بها من عظائم الأمور، وجعلها وابنها آية للعالمين
🔺️ثانيهما:
أن امرأة عمران ـ وهي أم مريم ـ قد نذرت أن يكون مولودها القادم خادماً لبيت المقدس، فلما وضعت مولودها، قالت معتذرة: {وليس الذكر كالأنثى} لما تعارف وقتها في بني اسرائيل بأن الرهبان ذكور، لكن الله قاطعها بأنه يعلم ما في بطنها ويعلم أنها أنثى ومع ذلك أرادها أن تفي بنذرها وتهب مريم راهبةً لبيت المقدس
حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: “وليس الذكر كالأنثى” كانت المرأة لا يستطاع أن يصنع بها ذلك – يعني- أن تحرر للكنيسة فتجعل فيها تقوم عليها وتكنسها فلا تبرحها مما يصيبها من الحيض والأذى، فعند ذلك قالت: “ليس الذكر كالأنثى”
ويظهر من كلا التفسيرين عكس ما يروج له مستخدمي الآية، حيث تظهر القصة أن الله كسر احتكار الذكور للرهبنة وتقاليد المجتمع الذكوري وأمرها أن تفي بنذرها
إذا الآية ليست في صالح من يستدل بها لرفض المساواة بل العكس !
ومن الآيات التي تخالف هذا المعتقد السائد ما جاء في سورة [الحجرات: 13]: {يا أبها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، فلم يجعل الرجال أقرب إلى الله بل ساوى بينهم وجعل عملهم الصالح ميزاناً لتقربهم
وجاء في الأحاديث قول النبي: “إنما النساء شقائق الرجال” وشقائق تعني: نظائرهم وأمثالهم المساويات للرجال في الإنسانية
وتتكرر الفتاوى والأحكام التي تقتطع من سياقها القرآني أو الزمني وتطلق على النساء وفقاً لأهواء نفسية لأصحابها
كتابة: @emy_dawud
كثير من المتابعين للصفحة يقولون، نحن ندعم حقوق المرأة لكننا لسنا نسويين، أو يقولون هل نستطيع أن نكون نسويين ومسلمين في ذات الوقت ؟
مصطلحات مثل “نسوية” و “ليبرالية” و “علمانية” تم تحريفها من قبل أصحاب الهيمنة الذكورية أو رجال الدين، لأنها تحارب سلطتهم في المجتمع
مثلا: المؤمن الذي يرى أن من حق كل شخص الإيمان بما يشاء، ولا يريد قتل من هم من غير ديانته هو “ليبرالي”، حتى لو أنه لم يفهم هذا المصطلح الذي يقوم أساسا على “الحرية والمساواة”
لكن أخبره أنه ليبرالي، سيقول: :لا، الليبرالية كفر”، مع أنه ليبرالي في أفكاره
أغلب المسلمين ضد الليبرالية مع أنهم يؤمنون بالحرية والتنوع، والتعدد لكن مجال فهمهم لليبرالية ينحصر في حرية الجنس، بينما الليبرالية مجالها أکبر تتضمن حريات فردية وسياسية
المسلم الرافض لتدخل الدين في السياسة هو علماني، حتى لو أنه يعتقد أن العلمانية كفر، عندما يعتقد المؤمن أن الدولة يجب أن تتوقف عن فرض الدين على الناس هو علماني
المسلمة التي تطالب بحقوقها هي نسوية، حتى لو كانت تعتقد أن النسوية ضد الدين، لكنه تم تضليلها بحملات تشويه النسوية المتعمدة بأن النسوية تعني كراهية الرجال والامتناع عن الزواج وتربية شعر الجسد والدعوة للتعري والجنس
بينما تدعو النسوية لحق النساء بحرية الإختيار كما تحق للرجل، لكنها لا تجبرها على بروتوكول معين، فما علاقة الدين بذلك؟ إذ أن الدين أيضاً هو حرية اختيار، والقرآن نفسه يقول: “يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إن اهتديتم”، فدعونا ننشغل بأنفسنا بعيداً عن فرض معتقداتنا على الآخر، فأكثر من تقديم النصيحه لا يحق لك
لذلك صديقاتي/أصدقائي من العادي جدا أن تكونوا نسويين وليبراليين وعلمانيين وفي ذات الوقت مؤمنين
(مؤمنون بأديانكم لكنكم لا ترفضون الآخر ولا تطالبون بقتله، أو اعتبار المرأة كائناً أقل من الرجل استناداً للخطاب التجديدي فقط وليس التقليدي)
النسوية والعلمانية والليبرالية تختلف عن اللادينية، ولا يجب أن تخجلوا من فضيلة أنكم متسامحون مع الجميع وتحترمون حقوق المرأة
عليكم أن تفتخروا لتخلصكم من ثقافة القطيع والكراهية ضد كل مختلف عنكم بالجنس أو العرق أو الدين
Instagram will load in the frontend.=
? هل فهم الدين محصور برجال الدين؟:
نسمع دائماً علماء الدين يستدلّون بما ورد في سورة النحل “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”، محاولين من خلال ذلك التأكيد على دورهم كمصدرٍ لفهم الدين بشكل أفضل، ولكن حقيقة النص لم تكن معنية بهم ولا بعلمهم على وجه التحديد، بل كان الحديث موجهاً من الله تعالى إلى مشركي قريش الذين أنكروا على النبي محمد نبوّته، مشككين في أن الله قد يرسل بشراً عوضاً عن ملاك، فيقول الله تعالى لهم اسألوا أهل الذكر السابقين (أي اليهود والمسيحيين)، ليخبروكم بأن رسلهم كانوا بشراً كذلك، والرسالة هنا واضحة وغير مقتصرة على أمور الدين، وهي أن من لا يعرف يسأل أصحاب الخبرة والعلم
ولكن في بعض الأحيان يجب أن نَحذَر من صاحب العلم غير الأمين الذي قد يضيف ويحذف ليقدم رسالته الخاصة
في حين نقدّر ونكرّم الجهود التي يبذلها شيوخنا الأجلّاء في نقل الدين كما ورد، إلا أنه لابد لنا أن نقف عند أولئك الذين أضافوا إليه لأنهم لم يجدوه حازماً بما يكفي، بل قاصر من وجهة نظرهم ويحتاج إلى مزيد من الشدة والتضييق
? لما ننسى أن الشيوخ بشر؟:
بعد كل بحث أقوم به يتكرّر ذات السؤال: لماذا نعامل الشيوخ والعلماء كآلهة؟ لماذا ننسى أنهم بشر لهم أهوائهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية والعقائدية التي تختلف باختلاف العصر والسُلطة؟
حتى وإن كان النص القرآني واحداً فإن العقول تختلف، لذا نجد شيخاً يؤيد داعش والإخوان والتنظيمات الإسلامية المسلحة وآخر ينتقدها بشدة، ألم يتفقّه كلاهما في ذات الكتاب؟ إذاً أليس من حقنا أن نراجع ونناقش ما يقوله بشر مثلنا؟ من أين جاءت هذه النظرة الدونية للمسلم الذي لا يحمل ألقاباً قبل اسمه تؤهله للحديث باسم الله؟
أنا ناقمة على كلِّ شيخٍ منافقٍ افترى على الله كذباً، من اجتهد له أجره ولكن اجتهاده يجب أن يبنى على مصدر وليس هواه الشخصي، وعلينا أن نبحث ونقرأ لأن الله لا يحتاج لوسطاء، ولأن الدين لا يحتاج لوصاية، ولأن البعض يكذب، البعض يرى في التشدّد قوة إيمان متناسياً قول الرسول “إياكم والغلوّ في الدين”
قليل من المجهود الذي لا يُذكر يبيّن لنا كذب الكثير من الروايات والقصص والفتاوى التي قيلت لنا، فلماذا لا ننقّح الموروث الديني؟ لماذا لا نطلب من المشايخ ذكر المصادر بالتفصيل والسند والأدلة حين يتم إصدار فتوى؟
وإن كان البعض يظن أن ما ذكرتُ أًصبح ماضياً، أرجو أن تقضوا وقت فراغكم في البحث لتنبهروا بخرافات الحاضر
كتابة: #رجاء_أمين على @raseef22
بدأت قصتي عام 2016، عندما تعرّض أخي لشلل نصفي، في البداية كان لدينا أمل بالطب والعلم، لكنه لم يتحسّن
أمام ذلك، لم يكن لأبي إلا التوجه إلى الدين، عسى أن يشفي أخي
في أحد أيام صيف 2018، كان الطقس حاراً والكهرباء مقطوعة وكنت أرتدي قميصاً بدون كمّ وشورت يصل حتى الركبة، دخل أبي إلى المطبخ أثناء تحضيري القهوة ونظر إليّ وضحك قائلاً: “شو بابا عالبحر؟”، “إي صار عرقنا مرقنا”، وأخذ فنجان قهوته وذهب
مساء ذلك اليوم بالتحديد، بدأ أبي يحضر درساً دينياً في جامع حارتنا الدمشقية، وبدأت تصرفاته تتغيّر
عاد أبي من الجامع وجهّزَت أختي العشاء. جلس الجميع حول المائدة. وبينما كنت أدخل من باب غرفة المعيشة، نظر أبي إلي مصعوقاً وأغلق عينيه بكلتا يديه لا يريد أن يراني، وقال لي: “روحي البسي اتستري، عيب تطلعي قدام أبوك وأخوك بتياب مو محتشمة”. نظرَت أمي وإخوتي إليه غير مصدّقين ما قاله، بينما وقفت أنا متسمّرة في مكاني غير مصدّقة أن أبي يصف ما أرتديه بأنه “غير محتشم” وقبل ساعات فقط كنا نضحك على ثيابي
وضَعَت أمي الخبز من يدها وقالت له: “شو في يا رجال؟ طول عمرن بناتك بيلبسو هيك بالبيت”، فأجابها بأنه بدءاً من اليوم لن يقبل أن نرتدي أمامه وأمام إخوتي الذكور ثياباً قصيرة وإلا سيكون له حديث آخر معنا
لم أتناول العشاء مع عائلتي في تلك الليلة لأنني رفضت فكرة الاحتشام أمام والدي، عدت إلى غرفتي وحاولت جاهدة نسيان الأمر لكن صورة أبي وهو يغلق بكلتا يديه عينيه حتى لا يراني لم تفارق مخيلتي
بعد حين، جاءت أختي لتخبرني ما سبب تصرّف والدي الغريب
قالت إن شيخ المسجد أخبرهم أن على الفتاة أن تحتشم أمام والدها وأخيها حتى لا يشتهيانها، وفورا بدأت أتقيأ
بينما كنت أتقيأ، تذكّرت حادثة جرت قبل شهرين، حين أصبت بذات الرئة ومكثت في المستشفى ثمانية أيام. كان والدي يساعدني على دخول الحمام، وكان يساعد والدتي في تغسيلي عندها كان ينظر إلى جسدي العاري نظرة أب لابنته، نظرة مليئة بالأبوة ومليئة بالعاطفة والحب الأبوي، كان يحب أن يمشط لي شعري وأن يجدله
لم أنم في تلك الليلة. بقيت مستيقظة حتى الصباح، أفكّر بالدروس الدينية التي تغسل عقول الناس الطيّبين أمثال أبي. كيف زرع شيخ الجامع في عقله أنه إذا شاهد ابنته بثياب “غير محتشمة” قد يشتهيها؟ وكيف لأبي، هذا الرجل الطيب، أن يصدّق أن نظرته لابنته قد تصبح نظرة ذكر إلى أنثى، نظرة شهوانية حيوانية؟
أبي الذي بات يخاف عليّ من نفسه، بات يخاف أن يشتهيني ولا أحد يعرف إلى أين قد يصل الأمر بعد ذلك!
طالما الأمر هكذا، لماذا منزلة الأب مقدسة؟ طالما أن الأب قد يشتهي ابنته مثله مثل أي ذكر آخر في هذا العالم، لماذا إذاً هو أب؟
في تعريف مكانة الأب، هو الساهر الأمين على حماية الأسرة من كل أذى حسي أو معنوي. فإذا كانت الابنة عليها “الاحتشام” أمامه حتى لا يشتهيها أو أن يغتصبها، فماذا يبقى لها من ملجأ؟ لا شيء. صدّقوني
أي تديّن حقير تافه يزرع في عقل “المؤمنين” أن الأب قد يشتهي ابنته إذا كانت “غير محتشمة”؟ حتى إنْ كانت عارية كلياً لا يجب أن يشتهيها
تغيّرت علاقتي مع الرجل الذي كان سابقاً أبي، وما عدت أشعر نحوه بعاطفة الأب، ولم أعد أقيم وزناً للأبوة ولا للأخوة. بات كل الذكور في نظري سواسية، وعليّ أن أحمي نفسي منهم!
كم هو وضيع وشهواني هذا التديّن! كيف أستطيع أن أشعر بالأمان في ظل انتشاره؟ كيف أستطيع أن أحترمه؟
لا أريد تديّناً لعيناً يضع أبي وأخي على نفس المستوى من أي ذكر غريب قد يشتهيني
في اليوم التالي، دخَلَت أمّي وهي تحمل بيدها طقم صلاة قائلةً: “لا تطلعي قدام أبوك هيك. البسي طقم الصلاة. ما بجوز من الله”
تخيّلوا أن والدتي اقتنعت مثلها مثل أختي بكلام الشيخ اللعين. لم تفكّر بالكارثة، كارثة أنني ابنة رجل عليّ أن أخاف على نفسي منه
بتّ أشعر بالرغبة في التقيّؤ بحضور أبي، والسبب يعود إلى أنني في صغري تعرّضت مراراً للتحرش من قبل قريب لي “محرّم”. بتّ أتخيّل والدي مكانه.
ما عدت أهنأ بالطعام إذا كان أبي أو أخي معنا على المائدة. نسيت أمر الجلوس مع عائلتي. صرت أنزوي في غرفتي بين كتبي هرباً من أبي والأفكار الشهوانية التي غرسها الشيخ في عقله
أبي الذي كنت أنام في حضنه في ليلة كل امتحان جامعي، أبي الذي كان يحب رقصي كثيراً، ويحب أن يدبك معنا أنا وإخوتي، بات ينظر إلينا نظرة داعشي حين يرانا نضحك، فما بالكم إذا ألقى القبض علينا متلبسين بجريمة الرقص؟
الموقف الذي لن أنساه أبداً، كان في شتاء العام 2019. تعرّضت لجلطة وغيبوبة، ربما بسبب تفكيري بالدين كثيراً، كل ما أتذكّره حينها أنه بينما كان أخي يقوم بحملي إلى السيارة كان أبي يصرخ: “لبسوها الحجاب”
أوقفت أمّي أخي ريثما تلبسني حجاباً، سمعت صوت أختي تبكي وهي تقول: “هلق وقت الحجاب؟ البنت عم تضيع من بين ايدينا”
لديّ الكثير من الأصدقاء الرجال وأشعر بالأمان معهم ويحترمونني كثيرا وكأنهم إخوة
بدأت أُخرج سموم هذا الشيخ اللعين من عقلي، بعد أن تأثرت به لا إرادياً، لكن علاقتي مع أبي لم تعد كالسابق ولن تعود أبداً
أفقدني التديّن أبي. بتّ يتيمة وأبي على قيد الحياة.
كم أشتاق إليك يا أبي، اللعنة على تديّن حرمني من عاطفتك.
كتابة: #جيلان_تركماني على @raseef22
إلى النساء اللواتي ينتظرن أن يأخذن حقوقهن من رجل الدين، اعلمي ياعزيزتي أن رجل الدين سيخبرك أنك لست ملزمة بخدمة زوجك فتسعدي إلى أن يخبرك أن طاعة زوجك فرض وأن مكانك المناسب هو البيت ويحرم عليك العمل مع الرجال فلا يتبقى لك إلا خدمة زوجك وعائلته بالمعية
سيخبرك أن لا إكراه في الدين لكنه سيخبر ذكور عائلتك أنهم أوصياء عليك وينعتهم بالديوثين إن لم يستجيبوا لتحريضه
سيخبرك أن التعليم حق لك لكنه سيوصمك بأنك بنصف عقل وليس لديك أهلية كاملة لأخذ قراراتك الخاصة أو الوصاية على أطفالك أو الحكم أو القضاء
سيخبرك أن أحكام الميراث صالحة لكل زمان ومكان وسيقنعك أن هناك حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل لكنك ستكتشفين أن هذه الحالة عندما تكون المرأة ترث في ابوها مع أولاد عمها
سيخبرك أن من حقك كتابة شروطك في عقد الزواج ومن حقك الطلاق وفي نفس الوقت سيعارض الدولة إن سنت قوانين تسمح بولاية المرأة على نفسها أو امساكها عصمة الطلاق وسيجبرك على طلب إذن الزوج بالطلاق وإن رفض الزوج ذلك سيجبرك على العودة معه إلى بيت الطاعة
سيخبرك أن القوامة تكليف لا تشريف لكنه سيخبرك أن للرجال عليك درجة
سيخبرك أنك مكرمة لكنه سيبرر التحرش بك بسبب ملابسك وقتلك بسبب أخلاقك وضربك بسبب نشوزك وخيانتك بسبب تقصيرك
فيا عزيزتي المرأة العربية، كونك لا تضربين (مع أن الإحصائيات تؤكد أن أغلب فتيات العرب تعرضن للضرب) فهذا لا يعني أنك مكرمة.. هناك مراحل طويلة على المجتمع أن يقطعها لنقول أنه مجتمع يكرم المرأة
وحالياً هذا المجتمع غير موجود على الكوكب بأكمله
ومن شدة بجاحة مجتمعاتنا لا تقول أنها تساوي المرأة بالرجل.. بل تقول أنها تكرمها، فإذا سمعهم كائن فضائي ظن أنهم تجاوزوا المساواة ووصلوا إلى مرحلة صار الرجل فيها مضطهداً أمام شدة تكريمهم للمرأة
حتى المرأة الغربية التي ينصفها الدستور لا تقول عن نفسها مكرمة بل تناضل من أجل فرض إنسانيتها على مجتمعها ولا تكتفي بالقانون فقط، وتأتي امرأة عربية لا مجتمع يحترمها ولا حتى قانون ينصفها وتقول أنا مكرمة
يجب أن ندرك أن كلمة تكريم إبتكرت لخداع النساء ومنعهن من السعي نحو حقوقهن
لدي يقين بأن كل إمرأة تأتي تقول أنها مكرمة في هذه المجتمعات هي إما تستغفل نفسها لأنها لا تريد اتعاب نفسها بالوصول إلى حريتها
أو أنها تعاني من الاستلاب العقائدي وهو اعتقاد المرأة أن دونيتها هي تكريم لها، أو أن طموحها لا يتعدى أكثر من الطعام والنوم وبالتالي لم تشعر أن ثمة من يضيق الخناق عليها
كما يقول ابن خلدون، إن الإنسان إذا طال به التهميش يصبح كالبهيمة، لا هم له سوى الأكل والشرب والغريزة
إذاً المسلمون حديثهم وأفكارهم فيما يتعلق بالمرأة من أكثر ما قد يمر علیک “تناقضاً”، ولكنهم متعايشون معه؛ لأن هناك من يزينه لهم على أنه لـ “حكمة”، أو باعتباره “إرادة الخالق في الخلق” !
Instagram will load in the frontend.=
Instagram will load in the frontend.=